النور أشرق بسَّاماً مُحيّاه
 | 
يَسري فتبتسم الدنيا لمسراه
 | 
والنصر تخفِق فوق الهام رايته
 | 
جذلى وتهتف بالآمال بُشراه
 | 
ورَفَّ طائره الميمون منطلقاً
 | 
في الشرق والغرب خفّاقاً جناحاه
 | 
وحيٌ من الله يَهمي غيثهُ غَدَقاً
 | 
والأرض مشتاقة ظمأى لسقياه
 | 
يا أيها المطر الجرار ما عرفَتْ
 | 
مرابعُ الخِصب طيبَ الزرع لولاه
 | 
أأنت نهر من الأضواء فجره
 | 
الرحمنُ من لوحه المحفوظ مَجْراه
 | 
أم أنت بلسم جرح لو يُمسُّ به
 | 
مَيْتٌ بمرقدِه الفاني لأحياه
 | 
والفكر نور الرحمن أو قده
 | 
عالي السنا لأولي الألباب أهداه
 | 
وزين البَشَر المخلوقَ من حماءٍ
 | 
به وأحياه إنساناً وسوّاه
 | 
فأشرقتْ بضياءٍ الله فطرتُه
 | 
وسبّحت باسمهِ الأعلى خلاياه
 | 
وشعَّ توحيدهُ ما بين أضلعه
 | 
روحاً من الله ضمَّتها حناياه
 | 
تَتَابع النور في كل العصور فما
 | 
من حُنْدُسٍ حالكٍ إلا وجلاَّه
 | 
حتى أضاء رُبى البطْحاء ساطعُه
 | 
وجاد طَيبة بالأنوْاء أسْخاه
 | 
وراح يسكب من أنْدائه خَضِلاً
 | 
فـأورق الكونُ واخضرَّت صحاراه
 | 
وأكملَ الدينَ ربُ الدين وارتفعتْ
 | 
عِمادُه وتحدّى النجمَ مبناه
 | 
حتى مضى المُرسَلُ الهادي لخالقه
 | 
وثبَّتَ الحقَّ بالتأييد مولاه
 | 
وظلّتْ الأُسد تحميه وتنصرُه
 | 
تصونُ بينانَه بالتأييد مولاه
 | 
وراح يحكم بالقسطاس منتصراً
 | 
لله لما دعا الداي فلبّاه
 | 
وفي الجزيرة كادَ الدينَ شانِئُهُ
 | 
وراح فيها ظلامُ الكفر يغشاه
 | 
وارتد قوم جُفاةٌ لا خَلاقَ لهمْ
 | 
ولجَّ في الكفر أعتاه وأشقاه
 | 
أشاء عزمُ أبي بكر غواشِيَهُ
 | 
وسُلَّ سيفُ أبي بكر فأرداه
 | 
وسيَّر الجيشَ سيلاً لا يقاومه
 | 
طودٌ من الكفر إلا انْدَكَّ ركناه
 | 
يسيرُ تَعْلوهُ للإسلام ألويةٌ
 | 
فتسحقُ الرِّدةَ الكُبرى سراياه
 | 
فَخَرَّ كل نبي كاذِبٍ أشِرٍ
 | 
وكلُّ باغٍ غرورُ الجهلِ أعماه
 | 
يهوي طليحةُ والعنسيُّ حين رمى
 | 
سهماً من الإفكِ جنوناً فأصْماه
 | 
يهوي مسيلمة الكذاب منتحراً
 | 
تحت النِّعال ومن بالكفر والاه
 | 
وسار ركب الهدى يمضي لغايته
 | 
ومنهجُ الله مصباحٌ بيمناه
 | 
والأرضُ تستقبلُ الفتحَ المضئَ بهما
 | 
كالغيث بالبِشْر والأفراحُ تلقاه
 | 
كم غافلٍ من سباتِ النوم أيقظه
 | 
قد طال في حالك الديجورِ مغفاه
 | 
وظامئٍ لاهثِ الأنفاسِ تلفحُه الر
 | 
مضاءُ، من سَلْسَلِ القرآن روَّاه
 | 
فعزَّ بالعدل من هانوا ومن ظُلِموا
 | 
وثاب للرُشْدِ من ضَلَّوا ومن تاهوا
 | 
في كل قطر علا صوت الأذان به
 | 
طابت مرابعه وازدان مغناه
 | 
تهفو إلى الأمن أكباد مُرَوَّعَةٌ
 | 
وتَرْشُفُ النورَ أبصارٌ وأفواه
 | 
تلك الليالي التي تزهو كواكبُها
 | 
على النهار إذا ما النورُ جلاّه
 | 
تاريخ مجد تُثِيرُ الصخرَ صيحتُه
 | 
وتبعث المَيْتَ من أعماقِ مثواه
 | 
بناؤه صنعة الرحمن رسّخهُ
 | 
من فوق سبعِ سمواتٍ وأعلاه
 | 
ونحن قوم أعز الله نهضَتَنا
 | 
به وصانَ خطانا حين صنّاه
 | 
ولم تزل بعبير المجدِ تنفحنا
 | 
كالمسك والنَّدُ والريحان ذكْراه
 | 
واليومَ نسعى وفي الآمال بارقةٌ
 | 
ومَنْ يَسِرُ للعلا يظفر بمسعاه
 | 
عَهْدٌ حفظناه بالأرواح ما برحتْ
 | 
تضوع من دوْحة الرِّضوان ريّاه
 | 
لم نحْيَ إلا على ميثاقِ بَيْعتِه
 | 
يوما ولا عاش في الأعمال إلاه
 | 
عشنا كراماً بها بني الحياة فما
 | 
في الأرض من صنمٍ إلاَّ حَطمناه
 | 
ولا استطال بها عرشٌ لطاغيةٍ
 | 
إلا نهضنا وبالأقدام دسناه
 | 
ولا تصدى لنا بالحرب ذو صَلَفٍ
 | 
مستكبرٌ مجرمٌ إلا هزمناه
 | 
ولا تراكم ليلُ الظُلمِ مُعْتَكِراً
 | 
إلا بمِشعَلِنا الهادي أضأناه
 | 
ولم يقم مَنْهَجُ للكفر منحرفٌ
 | 
إلا ومَنْهَجُنا الأسمى تحدَّاه
 | 
يا فجرَ نهضتنا الكبرى، وأمتُنا
 | 
راحتْ تحثُّ الخطى شوقاً لِلُقْياه
 | 
لقد حملنا بصدق العزم مبدأها
 | 
لواءَ عزِّ بأيدينا رفعناه
 | 
مناضلون وفي أعناقنا قسمٌ
 | 
لا حِنْثَ فيه، وعَهْدٌ ما خَفَرْناه
 | 
كَم ابتُلينا بوحشٍ صالَ مِخْلَبُهُ
 | 
وأبْرقت بلهيبِ الغَدْرِ عَيناه
 | 
مُعَرْبِدِ النابِ يسطو فاتكاً شَرِساً
 | 
فلو أصاب به صخراً لأدماه
 | 
مغموسَةٌ في دماء الأبرياءِ لهُ
 | 
يد، ومضْطَرِمٌ بالحقدِ جنباه
 | 
تختال في خَطْوِهِ الجاني له قدمٌ
 | 
وتزدهي بسياط البطشِ كفَّاه
 | 
وكم جحيم بنارِ الظلمِ أوْقدَها
 | 
والشَّعْبُ في حرِّها المسعورِ يَصْلاَه
 | 
خاوي العقيدةِ والتفكير، مطلبُه
 | 
خزائنُ المال والكرسيُّ والجاهُ
 | 
والغربُ من لبنِ الإلحاد أرضَعَهُ
 | 
حيناً، وفي حِجْره المسمومِ رباه
 | 
وصاغه صنماً للكفر، أو شبحاً
 | 
للرُعْبِ يُخشى، وأغراه وأغواه
 | 
فأُتْرِعَتْ بقبيح الإثمِ مسيرَتُه
 | 
ودنِّسَتْ بمخازيها سجاياه
 | 
فراح يغمُرُ وجه البحر من دَنَسٍ
 | 
وتغمُرُ البرَّ من رجسٍ خطاياه
 | 
وصار للكفر شيطاناً بموطنه
 | 
وصار للغرب بعضاً من مطاياه
 | 
يا بؤسَهُ وطناً تخبو منارتُه
 | 
ويزدهي بليالي العُهْرِ ملهاه
 | 
ساد الطغاةُ عُتُوّاً فالضعيفُ به
 | 
يشكو، فلا تسمعُ الآذانُ شكواه
 | 
وأُوصِدَ الفكر فالليلُ البهيمُ به
 | 
قد ضلَّ مُبْصرهُ الهادي وأعماه
 | 
وكلُّ حرٍّ به ضاقت مسالكُه
 | 
بقوتِه المجهدِ العاني مأواه
 | 
وفي المواخير والبارات مثْقلةٌ
 | 
بالماس والعسجدِ الزاهي بغاياه
 | 
وفي السجون ملايينٌ مكبَّلةٌ
 | 
والعدلُ يُنْحَرُ والإجرام تيِّاه
 | 
تعنو لجلاَّده الأعناقُ صاغِرَةٌ
 | 
ذلاَ وترسُفُ في الأغلالِ أسراه
 | 
واليوم تشرقُ للإسلام شمسُ هدَّى
 | 
ويهتف المجد في أرجاء دنياه
 | 
تستقبل الروحُ والأبصارُ طلعته
 | 
فجراً، طوَيْنا دُجَأه وانتظرناه
 | 
لواؤه الحُرية للتحرير نرفعه
 | 
هُوجُ العواصف والإعصارُ يخشاه
 | 
كم صارع الليل في عزمٍ فبدَّده
 | 
وقاوم الصخر في صبرٍ فأوهاه
 | 
فرُد بالخِزي من بالحرب بارزه
 | 
ومات بالغيظ مَن بالكيد عاداه
 | 
وفُلَّ كلُّ سلاحٍ حين هدَّده
 | 
فسيفُه الحقُّ، أقواه وأمضاه
 | 
إنا حملنا إلى الدنيا رسالته
 | 
كَنْزاً تليد المعاني ما أضعناه
 | 
نجاهد الكفر والإسلام قائدُنا
 | 
وكم شهيدٍ لنا بالرُّوحِ فدّاه
 | 
في حُسنَيينْ إلى نَصْرٍ يُسَرَّ به
 | 
أو في حِمى جنَّة الفِرْدوْسِ مَحْياه
 | 
بشائرُ النصر قد لاحت وموعِدُنا
 | 
حطّينُ والمسجدُ الأقصى وقسراه
 | 
في موطن إن إلا صوتُ الجهاد به
 | 
أجابَه التُرْبُ مشتاقاً ولبَّاه
 | 
وعادتِ الروح تسْري في حجارته
 | 
عزماً وقامت من الأجْداث موتاه
 | 
يخشى العُدوُّ دماءً راح يسفكُها
 | 
وتقذِفُ الرعبَ في الجاني ضحاياه
 | 
توَدُّ مما ترى في الخُلدِ لو رجعت
 | 
سبعين للموتِ في المَيْدان قتلاه
 | 
يا راية المجد والتحرير ما وهَنَتْ
 | 
منا العزائم في دربٍ مَشَيْناه
 | 
يُصارع الموجَ والظلماءَ مركبُنا
 | 
وباسم مولاه مجراه ومُرْساه
 | 
ما راعنا البحرُ مهتاجاً ومُصطخباً
 | 
برُّ الأمانِ يقيناً قد عرفناه
 | 
تاريخنا بالدم المِعْطار ننشَرَهُ
 | 
سفراً مجيداً بأيدينا كتبناه
 | 
نهوى الكرامة أبراراً ونعشقها
 | 
ونرفض الذلَّ أحراراً ونأباه
 | 
نبايعُ الدين منهاجاً نسير على
 | 
هدى خُطاهُ ودستوراً قبلناه
 | 
نبايع المرسلَ المبعوث مرحمةً
 | 
للعالمين، نبيَّ الدين نرضاه
 | 
نبايع الله من بالدين أكرمنا
 | 
عِزّاً وأرشدَ مسعانا وزكاه
 | 
والحقُّ يقذَف غلاَّباً ومقتدراً
 | 
سهماً بعيدَ المدى يرمي به الله
 | 
يهوي على الباطل الباغي فيدمغه
 | 
ومن أُصيبَ بسَهْمِ الله أرْداه
 | 
والحقُّ من قوَّةِ الجبَّار قوَّته
 | 
ما كان أحقر شانيه وأغلاه
 |